الصغير يكبر والذي كنا بالأمس نحاول إسكاته, نحاول اليوم نفكر في سحب الكلمات من فمه ونطرح على أنفسنا أسئلة عدة لماذا لا يطلعنا على عالمه؟ وما هي الشعرة التي تفصلنا عنه؟
يقول البعض إن علينا أن نظهر لهم الحب والحنان لنحاول كسب ثقتهم ويرى البعض بان علينا أن نراقبهم عن قرب وهناك أطروحات عدة لكن من مها الحل الأمثل؟
تبدأ هذه المرحلة من كتمان الأسرار تحديدا في سن المراهقة, وهو المقطع الذي يشكل اخطر مفترق طرق يمر منه الشاب والفتاة.
نحاول هنا وضع يدنا على قضية أساسية هنا وهي لمن يبوح الأبناء بأسرارهم؟ولماذا لا يبوحون بأسرارهم لأهلهم؟
فالعلاقة الفاترة بين الأبناء وأهلهم أصبحت الآن حقيقة واقعة وهي فجوة تكبر يوم بعد يوم... ورغم أهمية العلاقة بينهما, إلا أن السدود تقوم مع الأيام إلى أن تحولت إلى جدار يفصل بين العالمين, فالأب يشكو من ابنه والابن يشكو من والده والفرد يشكو من الكل والكل يشكو من الفرد فكل طرف غير راض عن الطرف الآخر فمن المسؤول؟
الجميع متهمون:
الدكتور ماهر أبو رنط أستاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح الوطنية يقول: أن الفجوة الموجودة بين الآباء والأبناء تبدأ بالاتساع بشكل كبير في سن المراهقة, أول خصائص هذا العمر من الناحية النفسية انه عمر غير مرتاح قلق منقسم.
فالشاب الذي لم يعد طفلا, ولم يصل بعد إلى مرحلة النضوج أول ما يرفضه المراهق هو أن يقرر الآخرون بدلا عنه. وهذا الشعور يسبب عنده الرفض والثورة والبعد وعلى الأهل في هذه الحالة أن يتحلوا باللين والقوة, فاللين كي لا يكسر شوكة المراهق والقوة كي لا يخسره.
تابع الدكتور قائلا: هذا العمر هو عمر العقل المفكر عمر البحث عن البراهين وبالتالي العمل والبحث الشخصي, فالحقيقة ليست كما يقوله الآخرون وإنما ما يكتشفه المراهق بنفسه ومع ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تفكير المراهق غير متين, لذا يجب السماح له بالتفكير على قدر ما يستطيع ومرافقته في اكتشاف عالم الفكر اللامتناهي. فهي تربية التفكير الذاتي, فالتفكير التربوي في هذا العمر يتم من خلال: تحليل الواقع وصقله في تعابير واضحة.
وحول إخفاء لمراهقين أسرارهم وعدم البوح بها إلى الأهل علق الدكتور بالقول: المسؤولية الكبرى تقع على الأبوين والذين يجب عليهم أن يسعوا إلى التقرب من المراهق دون أن يمس هذا باحترامهم له كما عليهم أن يظفروا بصداقته واكتساب ثقته حتى يتعود الابن على البوح والصراحة مع أبويه, وبهذا يظل الوالدين على دراية بما يواجهه المراهق فيواجهانه بالنصح والإرشاد ليكتمل واجب الآباء تجاه الأبناء.
المراهقون ماذا يقولون....
وحول سبب عدم بوح المراهقين بأسرارهم لأهلهم, كان لي اللقاء مع عدد من المراهقين للتحدث
سامي (16عاما) قال: ربما الخوف من العقاب هو السبب فمنذ صغري وأنا اسمع كلمات النهي, فهذا عيب وهذا حرام, وهذا ممنوع, وذلك لا يجوز, فبقي الخوف لدي منذ الصغر.بأن ما أقوله لأهلي يحرجني فاضطر لأقول كل شي لأصدقائي.
ويبدو بأن الفتى علاء (17عاما) كأنه ينتظر من زمن هذا السؤال: لماذا لا يبوح الأبناء بأسرارهم.؟؟ قال بكل غضب أين هم الأهل أصلا؟همهم توفير الشراب والطعام واللباس والاحتياجات الأخرى أما حاجاتنا النفسية فهي آخر ما يفكرون بها أو لا يفكرون فيها على الإطلاق.
ووافقه الرأي الفتاة نجلاء شاهين (16 عاما) باتهام الأهل إذ تقول: أن أهلي لم يقوموا ولو لمرة واحدة بفتح الحوار معي واشعر أنهم يحاولون التهرب من الاستماع إلي. وحاولت مرارا عدة إن أتحدث مع أمي لكتها تتهرب مني.
أما الشخص الذي تبوح هبة بأسرارها فهو دفتر مذكراتها, فقالت: أسجل كل ما يخص حياتي في مذكرات يومية وبشكل تفصيلي واعتبره بيت سري الوحيد.
المراهقون في قفص الاتهام:
أبناء اليوم جيل متفتح, متمرد على الواقع بكل أشكاله, يهرب عندما مضطرا إلى الاعتراف بخطيئته لذا ينأى بأسرار بعيدا عن أهله هذا ما قاله الأب خالد جمال (43 عاما) إما زوجته شادية (35 عاما) فعلقت على الموضوع قائلة:
أنا أم لولدين أحاورهم, وأحاول أن أزيد مساحة الحوار بيننا, إلا أنني كلما اقتربت منهم, ابتعدوا عني, واشعر أحيانا بأنهم يعيشون في عالم مليء بالأسرار التي لا يستطيعون البوح بها لي ولا اعرف السبب وأنا حائرة معهم.
إما الأستاذ احمد فيشكو من تصرفات أبنائه الذين لا يسمحون بالاقتراب من خصوصياتهم و يقول: عندما اسمع أبنائي يتحدثون في موضوع ما وأحاول مشاركتهم فيه, فأنهم أما أن يغيروه أو يتوقفوا عن الحديث, وكأنني غريب عنهم ولست والدهم, ومشكلة أبناء اليوم بأنهم يظنون أنفسهم أكثر وعيا من أن يناقشهم الكبار.
علم النفس........ والتنشئة:
ولمعرفة رأي علم نفس بهذه القضية نأخذ رأي الدكتور عبد الله عساف, رئيس قسم علم النفس في جامعة النجاح, والذي أكد أن سبب الفجوة هو الجو الذي يعيش به الأبناء والآباء وهو عصر السعة والانفتاح.
وأضاف: أن الأبناء لا يثقون برأي الآباء و يعدون الآباء ليسوا على قدر من الوعي والمسؤولية في تحمل الأسرار, وكذلك هناك من الأبناء الذي يخشى فضح أسراره خوفا من العقاب, وأيضا عدم عيش المراهق منذ الصغر في جو من المحبة والحنان, يجعله يبحث عن بديل في الخارج وهذا يشكل خطر كبير على مستقبله بخاصة إذا سلك طريقا غير صحيح, وكان بعيدا عن الرقابة.
وان الطفل عندما يبلغ سن المراهقة تطرأ عليه تغيرات فجائية في بداية النضوج, لقد جرت العادة في مجتمعاتنا العربية على تجنب الآباء الحديث إلى الأبناء عما يصيبهم في هذه السن من تغيرات, لذلك يجد المراهق نفسه حائرا وقلقا إذ يلاحظ التغيرات النفسية والجسدية التي تصيبه وهو لا يدري ما سر هذه التغيرات, فيحاول أن يستمد المعلومات من الخارج و خاصة من أصدقائه, و هذا يجعل المراهقون يتبادلون الأسرار والمعلومات فيما بينهم.
وان التغيرات الجسدية والنفسية التي تظهر على الطفل, وهو في سن المراهقة تجعله يشعر بالفرح والحزن, فالفرح ناتج عن شعوره بأنه مقبل على مرحلة الرجولة, أما الخوف فهو ناتج عن شعوره بالأعراض الطبيعية التي تصيبه, فهو يجهل أنها طبيعية, وهذا الجهل يجعله يخشى الكشف لوالديه عما يصيبه ظنا منه أن سؤاله خارج عن نطاق الاحترام والأدب, ولكي يتدارك الآهل مثل هذه الأمور يجب أن يبدؤوا بشرح الأمور إلى المراهق بطريقة مبسطة, لكي لا يحصل على معلومات من الخارج ربما تكون خاطئة.
رأي التربية:
وللاقتراب من المشكلة أكثر كان لا بد من اخذ رأي الدكتور فواز عقل والذي قال: إن مشكلة تربية المراهقين من المشاكل التي تؤرق الكثيرين من المهتمين بأمور التربية.. إذ أن الأولاد يبقون حتى سن معينة, تحت قبضة الوالدين لكنهما كثيرا ما يسيئان استثمار هذه السيطرة.ليندما بعد خروج الولد عن دائرة قبضتهما.
وتابع الدكتور قائلا: إن للإنسان تكوينا بدنيا ونفسيا... فكما أن هناك جسما يتحرك فهناك روح تنمو.. ولهذا فانه في الوقت نفسه الذي نهتم فيه بالنمو الجسمي لأولادنا, فانه يحتم علينا أن نهتم بأرواحهم ونموها, هذا النمو الذي يبلغ أوج فورانه في مرحلة المراهقة.
إن الأسباب وراء اتساع الفجوة بين الأبناء والأهل أسبابها عدة, فمنها مثلا المشاكل النفسية التي يدخل بها الطفل, عندما يشاهد مثلا خلافا أو نزاعا بين والديه, أو انشغالهم عنه بشؤونهم الخاصة مثل هذه الأمور قادرة على صنع جدار سميك بين الأبناء المراهقين وأهلهم, وأيضا هناك عناصر مؤثرة في تربية المراهق و سلوكه.
فمنها ما هو ذاتي كالصفات الو راثية, والبنية النفسية والعقلية, ومنها ما هو محيطي كسلوك الآباء والأقارب والأصدقاء والجو المدرسي وأخيرا وسائل الأعلام.
ما العمل.....؟
التعامل مع فئة المراهقين في غاية الخطورة سواء كانوا بنات أو بنين, ولا بد إن يكون هناك حذر في التعامل معهم, حتى لا تكون هناك ثغرات يستغلها المراهقون في سلوكياتهم الحياتية, ويرى دكتور علم النفس عبد الله عساف: إن تقليص الفجوة بين الأبناء والأهل تتم من لان الاهتمام بالبعد النفسي للمراهق, الاهتمام بالبعد العاطفي كالحساسية والاضطرابات والقلق والصداقة والخصومة ومشاكل من الحالات التي تعتري حياة المراهق والشاب.
إن تقليص الفجوة يتم من خلال التوصيات العلمية لتربية المراهقين تربية حوارية هادفة, إذ نلاحظ أن الشباب في هذا يملكون إطلاعا واسعا وقدرة تحليلية في عالم السياسة و الاقتصاد والثقافة, وبما أن الساحة مليئة بالأفكار المستوردة والانحرافات الثقافية والمفاهيم التي يساء فهمها.فان من اللازم علينا أن نأخذ بيد الشباب الذين يعيشون شيئا من الحيرة الفكرية! ولا يتم النقاش إلا مع صدر واسع, بدلا من المواجهة والاتهام بالانحراف, فان ذلك من موجبات العناد والتمسك بتلك المفاهيم ولو من باب التحدي والإغاظة!!
بالإضافة إلى إنشاء حالة من الصداقة مع الولد, والابتعاد عما هو سائد في مجتمعات (العصا والخيزران) إن من شأن هذه الصداقة أن تجعل الولد يشكو همومه إلى والديه وهما الأعراف بما يصلحه بدلا من الالتجاء إلى الغرباء.
وأيضا إظهار حبهم ومشاعرهم ورضاهم عن الأبناء, والابتعاد عن الاتهام وسوء الظن ! إذ يلاحظ أن الولد عندما يرى نفسه متهما في المنزل فانه سيفقد الثقة بنفسه ومن هنا ينبغي على الأب الذي يرى من ولده بادرة حسنة, أن يستثمر الفرصة ويشجعه ويمتدحه معبرا عن ذلك بفرحه والى أن يقوم كل بدوره تبقى الفجوة والجدار آخذين بالاتساع, فهل يستطيع الآباء إيقافهما وتلاشي خطر هما المحدق بنا!
أهم مشكلات المراهقين السلوكية (أسبابها_حلولها)
*المشكلة الأولى: "السباحة ضد تيار الأهل وعدم وجود تفاهم متبادل بينه وبين أهله"
السبب: اختلاف الأزمان والأجيال فمفاهيم الوالدين وعاداتهم يحاولون تطبيقها على الأبناء دون مراعاة لاختلاف البيئة فيحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم لأنهم يعتقدون أ الآباء إما لا يهمهم مشكلاتهم أو أنهم لا يستطيعون فهمها _حتى إن فهموها_ ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم.
الحل المقترح: الحوار كصديقين فعلاً دون مجاملات أو كلمات جارحة مثل"ألم انبهك لهذا" مع الابتعاد عن الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة.
*المشكلة الثانية: "الخجل والانطواء اللذان يعيقانه عن تفاعله الاجتماعي" احمرار الوجه عند التحدث_التلعثم بالكلام وعدم الطلاقة_جفاف بالحلق.
السبب: عجزه عن مواجهة مشكلات المراهقة وأسلوب التنشئة الاجتماعية التي ينشأ عليها،فالتدليل الزائد يؤدي إلى شعوره أنه ما زال يعتمد على الآخرين في وقت تتطلب فيه طبيعة المرحلة الاستقلال عن أسرته فيعيش في صراع وينسحب ويخجل.......
الحل المقترح: الحوار بطلاقة مع تعزيز ثقته بنفسه والتسامح معه في بعض المواقف الاجتماعية.
يقول البعض إن علينا أن نظهر لهم الحب والحنان لنحاول كسب ثقتهم ويرى البعض بان علينا أن نراقبهم عن قرب وهناك أطروحات عدة لكن من مها الحل الأمثل؟
تبدأ هذه المرحلة من كتمان الأسرار تحديدا في سن المراهقة, وهو المقطع الذي يشكل اخطر مفترق طرق يمر منه الشاب والفتاة.
نحاول هنا وضع يدنا على قضية أساسية هنا وهي لمن يبوح الأبناء بأسرارهم؟ولماذا لا يبوحون بأسرارهم لأهلهم؟
فالعلاقة الفاترة بين الأبناء وأهلهم أصبحت الآن حقيقة واقعة وهي فجوة تكبر يوم بعد يوم... ورغم أهمية العلاقة بينهما, إلا أن السدود تقوم مع الأيام إلى أن تحولت إلى جدار يفصل بين العالمين, فالأب يشكو من ابنه والابن يشكو من والده والفرد يشكو من الكل والكل يشكو من الفرد فكل طرف غير راض عن الطرف الآخر فمن المسؤول؟
الجميع متهمون:
الدكتور ماهر أبو رنط أستاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح الوطنية يقول: أن الفجوة الموجودة بين الآباء والأبناء تبدأ بالاتساع بشكل كبير في سن المراهقة, أول خصائص هذا العمر من الناحية النفسية انه عمر غير مرتاح قلق منقسم.
فالشاب الذي لم يعد طفلا, ولم يصل بعد إلى مرحلة النضوج أول ما يرفضه المراهق هو أن يقرر الآخرون بدلا عنه. وهذا الشعور يسبب عنده الرفض والثورة والبعد وعلى الأهل في هذه الحالة أن يتحلوا باللين والقوة, فاللين كي لا يكسر شوكة المراهق والقوة كي لا يخسره.
تابع الدكتور قائلا: هذا العمر هو عمر العقل المفكر عمر البحث عن البراهين وبالتالي العمل والبحث الشخصي, فالحقيقة ليست كما يقوله الآخرون وإنما ما يكتشفه المراهق بنفسه ومع ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تفكير المراهق غير متين, لذا يجب السماح له بالتفكير على قدر ما يستطيع ومرافقته في اكتشاف عالم الفكر اللامتناهي. فهي تربية التفكير الذاتي, فالتفكير التربوي في هذا العمر يتم من خلال: تحليل الواقع وصقله في تعابير واضحة.
وحول إخفاء لمراهقين أسرارهم وعدم البوح بها إلى الأهل علق الدكتور بالقول: المسؤولية الكبرى تقع على الأبوين والذين يجب عليهم أن يسعوا إلى التقرب من المراهق دون أن يمس هذا باحترامهم له كما عليهم أن يظفروا بصداقته واكتساب ثقته حتى يتعود الابن على البوح والصراحة مع أبويه, وبهذا يظل الوالدين على دراية بما يواجهه المراهق فيواجهانه بالنصح والإرشاد ليكتمل واجب الآباء تجاه الأبناء.
المراهقون ماذا يقولون....
وحول سبب عدم بوح المراهقين بأسرارهم لأهلهم, كان لي اللقاء مع عدد من المراهقين للتحدث
سامي (16عاما) قال: ربما الخوف من العقاب هو السبب فمنذ صغري وأنا اسمع كلمات النهي, فهذا عيب وهذا حرام, وهذا ممنوع, وذلك لا يجوز, فبقي الخوف لدي منذ الصغر.بأن ما أقوله لأهلي يحرجني فاضطر لأقول كل شي لأصدقائي.
ويبدو بأن الفتى علاء (17عاما) كأنه ينتظر من زمن هذا السؤال: لماذا لا يبوح الأبناء بأسرارهم.؟؟ قال بكل غضب أين هم الأهل أصلا؟همهم توفير الشراب والطعام واللباس والاحتياجات الأخرى أما حاجاتنا النفسية فهي آخر ما يفكرون بها أو لا يفكرون فيها على الإطلاق.
ووافقه الرأي الفتاة نجلاء شاهين (16 عاما) باتهام الأهل إذ تقول: أن أهلي لم يقوموا ولو لمرة واحدة بفتح الحوار معي واشعر أنهم يحاولون التهرب من الاستماع إلي. وحاولت مرارا عدة إن أتحدث مع أمي لكتها تتهرب مني.
أما الشخص الذي تبوح هبة بأسرارها فهو دفتر مذكراتها, فقالت: أسجل كل ما يخص حياتي في مذكرات يومية وبشكل تفصيلي واعتبره بيت سري الوحيد.
المراهقون في قفص الاتهام:
أبناء اليوم جيل متفتح, متمرد على الواقع بكل أشكاله, يهرب عندما مضطرا إلى الاعتراف بخطيئته لذا ينأى بأسرار بعيدا عن أهله هذا ما قاله الأب خالد جمال (43 عاما) إما زوجته شادية (35 عاما) فعلقت على الموضوع قائلة:
أنا أم لولدين أحاورهم, وأحاول أن أزيد مساحة الحوار بيننا, إلا أنني كلما اقتربت منهم, ابتعدوا عني, واشعر أحيانا بأنهم يعيشون في عالم مليء بالأسرار التي لا يستطيعون البوح بها لي ولا اعرف السبب وأنا حائرة معهم.
إما الأستاذ احمد فيشكو من تصرفات أبنائه الذين لا يسمحون بالاقتراب من خصوصياتهم و يقول: عندما اسمع أبنائي يتحدثون في موضوع ما وأحاول مشاركتهم فيه, فأنهم أما أن يغيروه أو يتوقفوا عن الحديث, وكأنني غريب عنهم ولست والدهم, ومشكلة أبناء اليوم بأنهم يظنون أنفسهم أكثر وعيا من أن يناقشهم الكبار.
علم النفس........ والتنشئة:
ولمعرفة رأي علم نفس بهذه القضية نأخذ رأي الدكتور عبد الله عساف, رئيس قسم علم النفس في جامعة النجاح, والذي أكد أن سبب الفجوة هو الجو الذي يعيش به الأبناء والآباء وهو عصر السعة والانفتاح.
وأضاف: أن الأبناء لا يثقون برأي الآباء و يعدون الآباء ليسوا على قدر من الوعي والمسؤولية في تحمل الأسرار, وكذلك هناك من الأبناء الذي يخشى فضح أسراره خوفا من العقاب, وأيضا عدم عيش المراهق منذ الصغر في جو من المحبة والحنان, يجعله يبحث عن بديل في الخارج وهذا يشكل خطر كبير على مستقبله بخاصة إذا سلك طريقا غير صحيح, وكان بعيدا عن الرقابة.
وان الطفل عندما يبلغ سن المراهقة تطرأ عليه تغيرات فجائية في بداية النضوج, لقد جرت العادة في مجتمعاتنا العربية على تجنب الآباء الحديث إلى الأبناء عما يصيبهم في هذه السن من تغيرات, لذلك يجد المراهق نفسه حائرا وقلقا إذ يلاحظ التغيرات النفسية والجسدية التي تصيبه وهو لا يدري ما سر هذه التغيرات, فيحاول أن يستمد المعلومات من الخارج و خاصة من أصدقائه, و هذا يجعل المراهقون يتبادلون الأسرار والمعلومات فيما بينهم.
وان التغيرات الجسدية والنفسية التي تظهر على الطفل, وهو في سن المراهقة تجعله يشعر بالفرح والحزن, فالفرح ناتج عن شعوره بأنه مقبل على مرحلة الرجولة, أما الخوف فهو ناتج عن شعوره بالأعراض الطبيعية التي تصيبه, فهو يجهل أنها طبيعية, وهذا الجهل يجعله يخشى الكشف لوالديه عما يصيبه ظنا منه أن سؤاله خارج عن نطاق الاحترام والأدب, ولكي يتدارك الآهل مثل هذه الأمور يجب أن يبدؤوا بشرح الأمور إلى المراهق بطريقة مبسطة, لكي لا يحصل على معلومات من الخارج ربما تكون خاطئة.
رأي التربية:
وللاقتراب من المشكلة أكثر كان لا بد من اخذ رأي الدكتور فواز عقل والذي قال: إن مشكلة تربية المراهقين من المشاكل التي تؤرق الكثيرين من المهتمين بأمور التربية.. إذ أن الأولاد يبقون حتى سن معينة, تحت قبضة الوالدين لكنهما كثيرا ما يسيئان استثمار هذه السيطرة.ليندما بعد خروج الولد عن دائرة قبضتهما.
وتابع الدكتور قائلا: إن للإنسان تكوينا بدنيا ونفسيا... فكما أن هناك جسما يتحرك فهناك روح تنمو.. ولهذا فانه في الوقت نفسه الذي نهتم فيه بالنمو الجسمي لأولادنا, فانه يحتم علينا أن نهتم بأرواحهم ونموها, هذا النمو الذي يبلغ أوج فورانه في مرحلة المراهقة.
إن الأسباب وراء اتساع الفجوة بين الأبناء والأهل أسبابها عدة, فمنها مثلا المشاكل النفسية التي يدخل بها الطفل, عندما يشاهد مثلا خلافا أو نزاعا بين والديه, أو انشغالهم عنه بشؤونهم الخاصة مثل هذه الأمور قادرة على صنع جدار سميك بين الأبناء المراهقين وأهلهم, وأيضا هناك عناصر مؤثرة في تربية المراهق و سلوكه.
فمنها ما هو ذاتي كالصفات الو راثية, والبنية النفسية والعقلية, ومنها ما هو محيطي كسلوك الآباء والأقارب والأصدقاء والجو المدرسي وأخيرا وسائل الأعلام.
ما العمل.....؟
التعامل مع فئة المراهقين في غاية الخطورة سواء كانوا بنات أو بنين, ولا بد إن يكون هناك حذر في التعامل معهم, حتى لا تكون هناك ثغرات يستغلها المراهقون في سلوكياتهم الحياتية, ويرى دكتور علم النفس عبد الله عساف: إن تقليص الفجوة بين الأبناء والأهل تتم من لان الاهتمام بالبعد النفسي للمراهق, الاهتمام بالبعد العاطفي كالحساسية والاضطرابات والقلق والصداقة والخصومة ومشاكل من الحالات التي تعتري حياة المراهق والشاب.
إن تقليص الفجوة يتم من خلال التوصيات العلمية لتربية المراهقين تربية حوارية هادفة, إذ نلاحظ أن الشباب في هذا يملكون إطلاعا واسعا وقدرة تحليلية في عالم السياسة و الاقتصاد والثقافة, وبما أن الساحة مليئة بالأفكار المستوردة والانحرافات الثقافية والمفاهيم التي يساء فهمها.فان من اللازم علينا أن نأخذ بيد الشباب الذين يعيشون شيئا من الحيرة الفكرية! ولا يتم النقاش إلا مع صدر واسع, بدلا من المواجهة والاتهام بالانحراف, فان ذلك من موجبات العناد والتمسك بتلك المفاهيم ولو من باب التحدي والإغاظة!!
بالإضافة إلى إنشاء حالة من الصداقة مع الولد, والابتعاد عما هو سائد في مجتمعات (العصا والخيزران) إن من شأن هذه الصداقة أن تجعل الولد يشكو همومه إلى والديه وهما الأعراف بما يصلحه بدلا من الالتجاء إلى الغرباء.
وأيضا إظهار حبهم ومشاعرهم ورضاهم عن الأبناء, والابتعاد عن الاتهام وسوء الظن ! إذ يلاحظ أن الولد عندما يرى نفسه متهما في المنزل فانه سيفقد الثقة بنفسه ومن هنا ينبغي على الأب الذي يرى من ولده بادرة حسنة, أن يستثمر الفرصة ويشجعه ويمتدحه معبرا عن ذلك بفرحه والى أن يقوم كل بدوره تبقى الفجوة والجدار آخذين بالاتساع, فهل يستطيع الآباء إيقافهما وتلاشي خطر هما المحدق بنا!
أهم مشكلات المراهقين السلوكية (أسبابها_حلولها)
*المشكلة الأولى: "السباحة ضد تيار الأهل وعدم وجود تفاهم متبادل بينه وبين أهله"
السبب: اختلاف الأزمان والأجيال فمفاهيم الوالدين وعاداتهم يحاولون تطبيقها على الأبناء دون مراعاة لاختلاف البيئة فيحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم لأنهم يعتقدون أ الآباء إما لا يهمهم مشكلاتهم أو أنهم لا يستطيعون فهمها _حتى إن فهموها_ ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم.
الحل المقترح: الحوار كصديقين فعلاً دون مجاملات أو كلمات جارحة مثل"ألم انبهك لهذا" مع الابتعاد عن الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة.
*المشكلة الثانية: "الخجل والانطواء اللذان يعيقانه عن تفاعله الاجتماعي" احمرار الوجه عند التحدث_التلعثم بالكلام وعدم الطلاقة_جفاف بالحلق.
السبب: عجزه عن مواجهة مشكلات المراهقة وأسلوب التنشئة الاجتماعية التي ينشأ عليها،فالتدليل الزائد يؤدي إلى شعوره أنه ما زال يعتمد على الآخرين في وقت تتطلب فيه طبيعة المرحلة الاستقلال عن أسرته فيعيش في صراع وينسحب ويخجل.......
الحل المقترح: الحوار بطلاقة مع تعزيز ثقته بنفسه والتسامح معه في بعض المواقف الاجتماعية.